جاء في مجله {حضارة الإسلام } السورية , العدد { ربيع الثاني 1388هـ }تحت
العنوان أعلاه ما نصه :{قال لي محدثي :بينا كنت أبحث عن دابتي التي ضلت مني
, ساقني ذلك إلى ضفاف دجلة التي كانت تبعد عن قريتنا مسافة أمتار معدودة
ومن عادة هذه القرية أنها تنام خارج منازلها في فصل الصيف هاربا َمن الحر ؛
هذا
يفرش على الأرض ,وذلك على السرير , وآخر على صرة من القش , وهكذا .
وقد كانت أمسية ذلك اليوم من الأمسيات المقمرة الجميلة,التي يتصدر فيها
البدر السماء ,مرسلاَ أشعته الفضية على أرجاء المعمورة , وقد بدت القرية
مكشوفة أمام الأنظار , تاخذ الألباب بمناظرها الخلابة , وجوها الساحر,
وهؤائها العليل , وإن هي إلا لحظات وتطلعت حولي , وإذا بدويبة صغيرة عائمة
على صفحة النهر , قادمة باتجاهى , لفتت نظري هذه المخلوقة , وأغراني الفضول
وحب الإستطلاع , أن أعلم شيئا عن أمرها , ومازالت تجري بحركتها الووئيدة ,
حتى دني من الضفة , فإذا هي ضفدعة , وعلى متنها عقرب قد تشبثت بها , وما
إن وصلت إلى اليابسة حتى نزلت عنها العقرب , وانطلقت بكل سرعتها نحو قريتنا
, وكأن مهمة قد أوكلت إليها وعليها قضاؤها في أوانها ....
وجريت بدوري خلفها , مقتفيا أثرها , حتى دخلت في حرم القرية , ولم أشأ
قتلها , بل تركتها للقدر الذي ولاها هذه الوجهة , ولكني تبعتها , أنظر ماذا
تصنع ..
واتجهت نحو الصبرة , التي فرش عليها حسين ذلك الشاب الصالح , وقد استسلم
لسبات عميق , ثم إنها توغلت في الصبرة , ولم أعد أعرف عنها شيئا , ولكني
تريثت ؛ لأستجلي الخبر , فما هي إلا برهة من الزمن , حتى شاهدت اضطرابا في
فراش حسين , فقلت في نفسي : لابد وأن العقرب , قد لسعته , ثم رأيتها تخرج
من بين ثنايا الصبرة , وهي أشد مضاء , آ يبة من حيث جاءت , وما إن وصلت إلى
الضفة , حتى كانت مركبتها – الضفدعة – جاهزة ؛ لتنقلها إلى مكانها المعهود
...
ثم عدت ؛ لأرى ما جرى لصاحبي حسين , فرفعت الغطاء عنه , وإذا بي أرى العجب
العجاب , إن حية عظيمة قد وقعت صريعة إلى جانبه , وبوسائلى أبعدت الحية عنه
, فإذا هي لاتبدي حراكا , فعلمت عندئذ أنها هالكة , وما أهلكتها إلا
العقرب , فقد كان خط الدماء المنسالة من رأسها , يشير إلى مكان اللسعة ,
وصاحبي حسين لم يصب بسوء ..
وصدق الله تعالى ؛ إذ يقول :
( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) ..
فسبحانه من إله حافظ ستار ..
والحيات و الأفاعي تموت من لسع العقارب ...
وقد قال الشاعر :
ولاتحقتر كيد الضعيف فربما تموت الأفاعي من سم العقارب